مجتمع

غلاء الأسعار ، حطب السعار.

:بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ،أكادير،شتنبر،2023.مقال (77),2023المغاربة هم من حفروا جبلا من أجل حياة الطفل ريان ، وهم نفس المغاربة الذين إنهارت الجبال على أحبتهم في الجبال فهموا للانقاذ و التعبئة بالدعم والمساندة .يدرك المغاربة بالفطرة أن ماخارج الحدود هو من إختصاص “المخزن”, هذا النظام الذي أسسه المغاربة ليحكمهم بالحديد والنار ،واللين و المشورة و الشريعة ،لذلك عندما تقتل جارتنا شابا في البحر و تعتقل آخر و تسجنه الى اليوم فإن المغاربة لا يحركون ساكنا ،إيمانا منهم بأن للدولة نظامها وعلاقاتها ومنطقها في تدبير الأزمات الدولية .هذا هو المغرب ،وهؤلاء هم المغاربة ، لا يحبونك حين تستقوي عليهم بجنسية أجنبية ،ولا تستصيغون ان يتحكم او يحكم امرهم غير المغاربة ، فيبدون مسالمين ومتفهمين و قادرين على الصبر في المواجع والأزمات ،وفي المواقف العصيبة .لكنهم إذا إنقلبوا ،صاروا نارا تأكل الأخضر و اليابس ، وإذا أحسوا بالظلم كانوا فى ردة فعلهم أكثر من الظالم ، وإذا أحسوا أنهم ليسوا في أمان ، خرجوا كالرياح العاتية ، و الأمواج الهائجة ، يقصفون و لا يبالون .ولأن المغاربة لفيف من القبائل و الأعراق ، وأقليات متفرقة من لهجات و أقوام وثقافات ، فإنهم إختاروا نظامهم الذي يوحدهم في الشريعة بإعتماد المذهب المالكي الجنيدي الاشعري إعتقادا منهم بأن العقيدة الأشعرية، هي الفرقة الناجية الواردة في حديث منسوب الى الرسول صلى الله عليه وسلم”افترقت بنو إسرائيل على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين، فرقة ناجية، واثنتين وسبعين في النار” ، وذلك لاعتبارات عديدة منها: أن العقيدة الأشعرية تتميز بالوسطية والشمولية، و مراعاة لذلك الأثر الوارد في حق المغرب ” لا يزال أهل المغرب ظاهرين على الحق” .وكي لا يتنازعوا على الحكم ويعرضوا البلاد لتقلبات السياسة وطمع السلطة إختاروا لأنفسهم نظام الملكية المخزنية ، كنظام حكم وإحتكام ، فجعلوا منه الحكم بينهم ، والحاكم لأمورهم مع غيرهم من الاقوام ،لذلك عندما ضعف الحاكم ووقع الحماية لم يقبل بها المغاربة ،لأن الحاكم تنازل عن ما ليس له لغيره ، وعندما تم نفي الملك و تعيين بديل عنه انتفض المغاربة ولم يقبلوا به لأن الإستعمار قرر فيما ليس له …وإسبانيا عندما ارادت ان تسلم أرض المغرب لغير المغاربة هب المغاربة كرجل واحد خلف من كان ساعتها يفتك بهم ،فإلتفوا حوله وغفروا ظلمه وقالوا عاش الملك وعاش الوطن و كانت المسيرة الخضراء .الجزائر و فرنسا وهم يقتطعون ارضا ليست لهم و ينتزعونها من المغاربة و تصبح جزائرية ، فهم يعلنون العداء لهم ، مهما لانوا وإستكانوا لواقع الحال سبتة و مليلية المحتلتين ، هما في قلوب المغاربة ، و اكثر ما يزعج الإسبان دعاء أئمة المساجد للسلطان أمير المؤمنين في بعد كل صلاة و في المآذن بعد صلاة الجمعة والأعياد .لكن … كما تغضب الجبال وتهتز ، وتثور الأمواج وتهيج ، و تعصف الرياح والامطار و تفيض ، كذلك هم المغاربة عندما يفقدون الثقة في حكامهم في المؤسسات ،و ممثليهم في الواجهات ، و من اوكلوا إليهم أمورهم في تدبير شؤونهم .فيغضبون غضب العتاب ، و يشكون حالهم لرب العباد وملك البلاد ، امير المؤمنين وحامي حمى الملة و الدين .وقيل الفرق بين الدين والملة والمذهب أن الدين منسوب إلى الله تعالى، والملة منسوبة إلى الرسول، والمذهب منسوب إلى المجتهد.فهل صبر المغاربة لنار الاسعار لا حدود له ؟ واقع الحال أن الأسعار لم تعد تعكس أزمة دولية ،ولا إنعكاسات مناخية ،و لا تداعيات جيوستراتيجية ، بل يبدو انها أسعار ميزاجية ، بشعة جشعة.الأسعار اليوم هي بطش مادي ومعنوي تمارسه فئات من المغاربة على إخوتهم المغلوب على أمرهم ، الفاقدين للقدرة على مواصلة صبرهم وعفتهم و تفهمهم ،الأسعار هي عجز أجهزة الدولة على ضبط حركية الإقتصاد ،وحماية المستهلك ،و الضرب على يد المضاربين وتجار الأزمات ، وناهبي عرق الفقراء ،والاسعار هي معالجة التضخم بالقرار الجبان وهو الزيادة في الاسعار ، حيث لا نأبه بالاموال المكدسة في خزائن الاغنياء ،ونبحث عن تقليص التضخم بوضع اليد في جيوب الفقراء و الطبقة المتوسطة .الأسعار اليوم ميزاجية لا يحكمها منطق ولا إعتبار ، كل واحد في قطاعه يقطع رزق المغاربة ، من أكلة الفقير وهي البيض و الزيت والدجاج ،الى ضروريات العيش من خضر وفواكه و خبز .الفقراء وعامة الشعب تعاني في صمت ، و ما يجعل الوضع مستقرا هو ان السارق يسرق و يتصدق ، و الإقطاعي يقطع و يرمي بفتات القطع ، و الناهب ينهب ويهب !!!!!نحن نعيش اليوم على الصدقات فيما بيننا وعلى الهبات و الإعانات و المساعدات ، والمتعفف فينا يعيش على القروض والسلفات ،لكن الى متى ؟ قلتها أكثر من مرة ، عندما تنتهي الاعذار ، و يعجز اهل القرار عن وقف التلاعب بالاسعار فللمغاربة اكثر من خيار و إختيار ،فهل تعتبرون ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى