مجتمع

حينما يرى العالم بعين واحدة..

حينما يرى العالم بعين واحدة :
الجزء الرابع والاخير من ملف طوفان الاقصى .
بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ،اكادير،اكتوبر،2023
مقال (87),2023.
ما كان متوقعا يحصل ،ويحصل هذه المرة بشكل
بشع ،بشاعته لا يراها العالم لان العالم يرى بعين واحدة .
قطاع غزة الهدية المسمومة التي أعطتها إسرائيل لحماس لتنشق عن الصف الفلسطيني وتستقل بالقطاع بعد مواجهات دامت لسنوات بين حماس وفتح .
هذا القطاع صنعته إسرائيل ،و توفر له الماء والكهرباء و الغاز و الوقود والمؤونة من المواد الأساسية ، تفرض عليه الحصار منذ 2005 ، و تقصفه لسبب او بلا سبب .
حصار و تجهيزات متطورة واقمار اصطناعية ،و جواسيس وعملاء ، كل هذا مسلط على مليونين ونصف المليون نسمة من ساكنة غزة .
ويبقى السؤال : إذا أقررنا ان حماس تملك ما يفوق ثلاثين الف صاروخ متعدد المسافات و منها صواريخ من صنع او تطوير محليين، وارسلت منهم خمسة آلاف يوم السبت ،
كيف لا ترصد إسرائيل التي تزعم أنها جيش لا يقهر وتطور علمي لا يقارن ، كيف لها ان لا ترصد هذا الكم الهائل من الاطنان من حديد ومتفجرات و رؤوس متفجرة ؟
مؤكد ان كثيرا من دول العالم لا تملك ولو نصف ما تملكه الحركة من العتاد العسكري ، وهو ما يجعل منه جيشا نظاميا خاصة وأن عدد مقاتلي المقاومة يتراوح بين 20 الى 30 الف مقاتل منخرط في الجناح العسكري لحركة حماس. وكتائب القسام .
ماذا لو كان هذا الإنتصار في طوفان الاقصى ليس سوى هزيمة متعمدة من إسرائيل ؟
ليس القصد هنا ان الكيان الاسرائيلي لا يهزم ،او ان المقاومة غير قادرة على الإنتصار عليه ،فوقائع الميدان يوم السبت الماضي أكدت عكس ذلك .
لكن الارقام تحيل الى كثير من التساؤلات ، منها :

  • كم هو عدد الجنود الإسرائيليين المرابطين بغلاف غزة الذي يسكنه 54 ألف مستوطن ؟ وحتى لو كان اليوم ،يوم عطلة ،فكم كان عدد الوحدات التي اشتغلت ذلك اليوم ؟
  • إذا كانت المقاومة الباسلة قد اقتحمت سبع مستوطنات وهو ليس بالعدد القليل ،فمن المفترض أن يكون عدد الاسرى و الرهائن و القتلى من الجانب الاسرائيلي و حتى الشهداء من جانب حركة حماس كبيرا مقارنة مع الارقام المعلنة ؟
  • ثم مادام الاسرى و الرهائن متواجدون بمنطقة غزة ، فكان من الممكن وضع فرضية أن حركة حماس توزعهم في مختلف مناطق القطاع ،وبالتالي فإسرائيل لن تقدم على المخاطرة بقتلهم وهي تمارس القصف العشوائي الذي تقول انه يستهدف قواعد ومكاتب لحماس ،؟ ناهيك عن صمت دول على هذا القصف رغم علمها بوجود رهائن من جنسيات مختلفة خاصة الامريكيه والالمانية ؟
    إسرائيل أعلنت الحرب من طرف واحد ،وتعتبر عملية حماس بمثابة إعلان حرب ، وقليلون من يدركون معنى إعلان الحرب ،مقابل معنى الغارات التي كانت تشنها اسرائيل في حالة عدم الحرب .
    في الحرب يصبح القصف جزءا طبيعيا من المعارك ، و يصبح هدف الحرب هو الإنتصار ،
    وفي حالة حماس و اسرائيل ، لا نعرف ما معنى الانتصار عند اسرائيل وهي تعلن هذه الحرب ؟
    كما لا نعرف حسابات حماس وهي تقدم على خطوة طوفان الاقصى ،و ماذا اعدت لما بعد الإقتحام غير تصوير الدمار و الجتث و تسويقها للعالم لإبراز وحشية الاحتلال التي حتما لا يراها العالم مادام لا يرى سوى بعين واحدة .
    القوة تغلب الشجاعة ، و الباطل يركب على الحق أحيانا كثيرة ،
    فاعمى من يجاحد حماس في حقها في النضال و المقاومة من اجل الإستقلال ،
    واعمى من لا يرى هذا الالتفاف للقوى العظمى الى جانب اسرائيل ،ويرى التخاذل العربي و الاسلامي .
    واعمى من لا يرى حاملات الطائرات الامريكيه التي تتجه لدعم اسرائيل و هي مجهزة بآليات حربية قادرة على محو غزة بقنبلة واحدة ، ولا داعي ان تقولوا ان هناك قانون دولي سيمنع ذلك ، مادام لا يمنع ما يحدث الآن .
    لقد دمرت افغانستان ،ودمرت العراق ،و دمرت اليمن ،ودمرت سوريا ،ودمرت ليبيا،ودمرت أوكرانيا ولا زالت ،وهي رغم ذلك تعلن دعمها اللامشروط لاسرائيل في الدفاع عن نفسها .
    ماذا سيحدث لو دمرت غزة ؟
    لاشيئ غير التنديد ،ولا شيئ غير الدعوة إلى ضبط النفس” بعد خراب مالطا “,
    في غياب عدالة دولية ،و في غياب إرادة عربية إسلامية لفرض السلام ، وامام تعنت الكيان في مواصلة التنكيل بالشعب الفلسطيني و تزايد المستوطنات ،
    وبحكم المعطيات على أرض الواقع التي تعطي الغلبة في النهاية للقوة والبطش الاعمى ، فإن المقاومة هي انتصارات متفرقة لا تحقق تقدما في الميدان ،و خسائرها في الأرواح اكبر من ارباحها ولو ظرفيا على المستوى السياسي.
    إن الحل لا يمكن ان يكون غير مفاوضات اسرائيلية عربية وليس فقط فلسطينية ،مفاوضات تكون فيها الأمة العربية والإسلامية صاحبة قضية ،تدفع الى حل الدولتين و تأسيس دولتين مستقلتين وفق قرارات الأمم المتحدة .
    كل هذا ممكن لو كان العالم ينظر بعينيه لما يقع ،لكن مع الاسف العين الواحدة لا ترى سوى اسرائيل الضحية التي يجب ان تعيش في امان على أرض ليست ارضها و بشعب جمعته عبر الشتات وشتت الشعب الفلسطيني ،
    رفعنا شارات النصر لسنين طويلة ،و تغنينا بالقضية ونعينا الشهداء بالشعر والاغاني واناشيد الثورة ، لكن هذا لم يعد مقبولا مادامت ارواح تزهق ،و أفق الحل مسدود ، فلا فتح فتحت ونجحت في المفاوضات ،ولا حماس حسمت الحرب لصالحها.
    لنوقف إطلاق النار ،و نعود الى المفاوضات برعاية دولية مع حزم عربي اسلامي ،
    غير ذلك ،وانا اكتب هذه الاسطر و انت تتأهب للرد ،فهناك أبرياء ينتشلون تحت الانقاض ،والقصف متواصل. والسبت و نشوته قد مر ،وبقي القصف والعدوان .
    اوقفوا هذه الحرب ،
    فهل تعتبرون ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى